الاثنين، ديسمبر 05، 2011

الإمام الحسين السبط

الإمام الحسين السبط
من كتاب رجال القومة و الاصلاح للشيخ عبد السلام ياسين   
كان عليه السلام ريحانةَ جده، وساعِدَ أبيه. شاركه في حروبه إلى جانب أخيه الحسن. فلما ولِيَ الحسنُ الإمامةَ بعد أبيه دخل في طاعته، وآزره، وحضر الشرط المشروط على معاوية عند الصلح. وبعد أنْ سَمُّوا الإمام الحسن بدأ اضطهـاد آل البيت. فقُتل أنصارُهم أمثالُ حُجْرِ بنِ عَدِيٍّ الصحابي. وقُطِعت أرزاقُ العَلَويِّينَ. وطُورِدُوا حين التفّوا حول الإمام الحسين بعد مقتل أخيه. فلما تولى يزيد بن معاوية الأمر عن بيعة كان فيها الإكراه، وانفتحت لِغِلْمة قريش أبوابٌ كان يُغلقها سِياسةُ مشايخهم من قبل. كان يزيد شابا لعوبا طائشا متهـورا. فلم يكن بُدّ من أن ينهض السبطُ الزكيُّ الطاهر لمقاومة الفاسق العِربيدِ.
أبى الإمام السبط أن يبايع يزيدا، فهاجر من المدينة إلى مكة. وإلى هناك كاتَبَهُ شيعة الكوفة، وواعدوه بالنُّصرة إن هو جاء إليهم. وكتب إلى الأتباع وعامة الناس هذا البيان الذي يحدد فيه موقفه وبرنامجه : "أما بعد فإني لم أخرج أشَراً ولا بَطَراً ولا مُفسدا ولا ظالما. وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي صلى الله عليه وسلم. أريد أن آمر بالمعروف، وأنهى عن المنكر، وأسيرَ بسيرة جدي وأبي علِيٍّ بن أبي طالب. فمن قبِلني بقَبول الحق فالله أولى بالحق. ومن رد علي هذا أصْبِرْ حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق. وهو خير الحاكمين".
ونهض الإمام إلى العراق بعد أن بعث ابن عمه مسلم بن عقيل ليمهد له الأمر. لكن العشائر التي كانت متحمسة له خذلته لَمّا رأت جيوش يزيد المُجَيَّشة وبأْسَها. ووقعت كارثةُ كربلاءَ، وهي الخَرْم العظيم في تاريخنا،بأبي وأمي سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم !
استشهاد الإمام الحسين جرح في جنب الأمة. فأما الشيعة فجعلوا دمه لعنة على الملك العاض الظالم السفاك. لعنة بقيت تلتهب في الصدور. فمثال الحسين عليه السلام اليوم رمز لإخوتنا الشيعة، بل واقع متجدد عميق في وِجدانهم وأعيادِهم وخطبهم.
وما نراه اليوم[1] من استبسالهم في حرب الزمرة البعثية بالعراق امتداد لغضب القرون المكبوت ضد الظلم ينفجر أمامنا طاقة لا تقاوَم. وعند علمائنا معشر أهل السنة والجماعة لعنة على الظلم مثلُها تنتظر أن تخرج من طي النسيان إلى نشر الجهاد.
قال الإمام التفتازاني في شرح العقيدة النَّسَفِيَّة : "اتفقوا على جواز اللعن على من قتل الحسين، أو أمر به، أو أجازه، أو رضيَ به". قال : "والحق أن رضى يزيد بقتل الحسين،واستبشاره بذلك، وإهانتَه أهْلَ بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم،مما تواتر معناه، وإن كان تفصيله آحادا". قال : "فنحن لا نتوقف في شأنه، بل في كفره وإيمانه لعنة الله عليه وعلى أنصاره وأعوانه".
وقال الذهَبيُّ عن يزيـد : "كان ناصبيا فظـا غليظا، يتناول المسكر، ويفعل المنكر. افتتح دولته بقتل الحسين". وقال رجل في حضرة أمير المومنين عمر بن عبد العزيز : "أمير المومنين يزيد". فضربه عمرُ عشرين سوطا. واستُفْتي في شأنه إلْكيا الهراسي، وهو شيخ المهدي بن تومرت، فذكر فصلا واسعا من مخـازيه حتى نفدت الورقة، ثم قال : "لو مُدِدْتُ ببياض لمَدَدْتُ العِنَانَ في مخازي هذا الرجل"[2].
تترجم قومة الإمام الحسين عن ضمير الأمة الذي رفض مُلْكَ يزيد. وليس كونُ الإمام الحسين من تلك الأرومَةِ النبوية الطيبة هو وحدَه الذي هزَّ مشاعر علمائنا فلعنوا يزيدا. لكنَّ أفعال يزيد، وسوء تدبيره، وبطشه بالمسلمين، سوَّدَت في أعينهم خيالَ الملك العاض. نبذَ علماء المدينة من المهاجرين والأنصار وأبنائهم بيعته، فسلط عليهم مُسلِمَ بن عقبة، فاستباحها، وقتل منهم أكثر من ثلاثمائة رجل، وحملتْ نساء المدينة ألْفَ جنين من فُجور عسكر يزيد. وثالثة جرائمه بعد قتل الإمام واستباحة المدينة غزوُهُ الكعبة بالمنجنيق لما قام عليه عبد الله بن الزبير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق